يعد هذا مثالًا مميزًا يوضح أهمية تعلم البرمجة، فهي تتيح لك تحويل مبلغ 6,800 دولار إلى 1.5 مليون دولار خلال أسبوعين فقط على @ HyperliquidX.
وهذا بالفعل ما حققه أحد متداولي HL مؤخرًا.
ما يجعل هذا الإنجاز لافتًا هو أن المخاطر كانت شبه معدومة؛ لم يعتمد المتداول على اتجاه السوق أو مضاربة عاطفية، بل استند إلى استراتيجية احترافية لصناعة السوق ترتكز على حوافز الصانع والأتمتة والانضباط الصارم لإدارة المخاطر.
قبل التطرق لاستراتيجية التداول، يجب فهم آلية صناعة السوق في HyperLiquid. HL بورصة قائمة على دفتر الأوامر، ويستطيع المستخدمون تقديم:
تشكل هذه الأوامر المعلقة دفتر الأوامر. ويُعرف المتداولون الذين يضعون عروض وطلبات بالصانعين.
يلعب صانعو السوق دورًا محوريًا في توفير السيولة والحفاظ على الفوارق السعرية ضيقة؛ بدونهم، سيواجه المتداولون أسعارًا ضعيفة وانزلاقًا كبيرًا في تنفيذ الصفقات.
تُعد السيولة أساس أي بورصة. ولهذا يعمد HyperLiquid إلى منح الصانعين مكافآت صغيرة كلما تم تنفيذ أوامرهم.
على HL، تبلغ حوافز الصانع نحو 0.0030% لكل صفقة، أي ما يعادل 0.03 دولار مقابل كل 1,000 دولار تداول.
هذه المكافآت الدقيقة هي ما مكّن المتداول من مضاعفة رأس المال من 6,800 دولار إلى 1.5 مليون دولار. اعتمدت خطته على تقديم أوامر محدودة من جهة واحدة فقط من دفتر الأوامر (إما عروض أو طلبات)، مع إلغاء أو تبديل الجهة فور تحرك السوق.
أي أنه قدّم السيولة من جهة واحدة، وجنى أرباحًا متناهية الصغر بفضل المكافآت، واستخدم روبوت التداول الخاص به لتبديل الجهة قبل تصاعد المخاطر. وقد تحوّلت هذه الحوافز الصغيرة إلى أرباح ضخمة بفضل حجم التداول المؤتمت المرتفع.
عادةً ما يضع صانعو السوق عروض وطلبات في الوقت نفسه.
فمثلًا، يقدمون عرضًا لشراء 1 SOL بسعر 100 دولار وطلبًا لبيع 1 SOL بسعر 101 دولار.
إذا نُفذت كلا العمليتين، يكون قد اشترى بسعر 100 وباع بسعر 101، محققًا هامش ربح محدود.
لكن ثمة تحدي: قد يتحمل مخاطرة المخزون.
وفي حال تحرك السوق ضد مركزه، فإن الخسارة قد تكون كبيرة.
لهذا السبب اعتمد هذا المتداول أوامر من جهة واحدة دومًا، ما منحته تحكمًا دقيقًا في المخزون وتجنب الاحتفاظ بأصول غير مرغوبة. وفي المقابل، زادت احتمالية أن يتم "اختياره".
تخيل أنك تضع عرض شراء بسعر 100 دولار لـ SOL، وفجأة تظهر أخبار مؤثرة، فينخفض السعر إلى 90 دولار مباشرة.
تسمى هذه الحالة "الاختيار العكسي" أو أن يتم "اختيارك".
لذا، فإن الدقة والسرعة أمران جوهريان عند استخدام الأوامر من جهة واحدة، وتعتمد الاستراتيجية كليًا على كفاءة واستجابة روبوت التداول لديك.
لتجنب مخاطر "الاختيار"، كان المتداول بحاجة لبنية تنفيذ فائقة السرعة:
هذه المنظومة مكلفة معقدة، ولهذا لا يستطيع سوى عدد محدود من صانعي السوق تطبيقها فعليًا.
من المرجح أن الروبوت تم تطويره باستخدام C++ أو Rust (للسرعة والاستجابة الفورية)، وتمت استضافة الخوادم بجوار محرك مطابقة HL لضمان أولوية الأوامر.
كان الروبوت يستقبل بيانات دفتر الأوامر بشكل لحظي عبر WebSockets أو gRPC، ويضع ويلغي العروض من جهة واحدة خلال أجزاء من الثانية لتحقيق المكافآت وتجنب الأوامر غير الفاعلة.
ما شد انتباهي بشكل خاص هو قدرة المتداول على الحفاظ على الحيادية الدلتا؛ فعلى الرغم من تداول مليارات الدولارات، أبقى صافي التعرض أقل من 100,000 دولار.
كيف فعل ذلك؟
لم يلجأ للتحكيم بين السوق الفوري والعقود المستقبلية، بل بقي في سوق العقود الدائمة فقط، ما سهّل ضبط الحيادية لأن التداول تم ضمن سوق واحدة.
استلزم ذلك انضباطًا شديدًا ودقة عالية، فإذ أخطأ في خطوة واحدة، قد يتكبد خسائر كبيرة.
الرياضيات وراء ذلك واضحة ومباشرة.
وبفضل إعادة استثمار المكافآت في المزيد من الصفقات، تضاعف الربح ليصل في النهاية إلى 1.5 مليون دولار.
كل ذلك بدأ برأس مال نشط لا يتجاوز 6,800 دولار.
قد تتساءل: "لمَ لا أنسخ الاستراتيجية وأحقق نفس نسبة الأرباح؟" في الواقع، المسألة ليست بهذه البساطة.
هذه منظومة تداول عالي التردد على مستوى احترافي، يصعب على المتداولين الأفراد تحقيقها أو تكرارها.
حتى مع الروبوتات المهنية، تبقى المخاطر قائمة دائمًا:
هذه الاستراتيجية رغم أناقتها ليست معصومة عن المخاطر.
قد يبدو تحويل 6,800 دولار إلى 1.5 مليون دولار خلال أسبوعين كأنه ضربة حظ، ولكنه في حقيقة الأمر اعتمد على المهارة التقنية، والانضباط، والهندسة الاحترافية الدقيقة.
توضح هذه التجربة كيف يمكن استغلال حوافز الصانع بشكل موسّع، والبقاء حياديًا في الدلتا، وتقليل المخاطر الاتجاهية إلى الحد الأدنى.
الدروس المستخلصة: التداول لا يقتصر على توقع اتجاه الأسعار فقط؛ أحيانًا يكون النجاح الأكبر في فهم هيكل السوق وبناء منظومات تقتنص القيمة في مواضع يغفل عنها الآخرون.