ثلاثة أسباب لنمو عملة مستقرة في العالم - هل ستقوم الولايات المتحدة بمحاكاتها؟

المؤلف: ديفيد فيليبا، كوينتيليغراف؛ الترجمة: باي شواي، جين سي كايتزين

على الرغم من أن إدارة ترامب وضعت الأساس الأولي لتنظيم صناعة التشفير في الولايات المتحدة (من المتوقع أن يقوم “قيصر التشفير” الجديد للبيت الأبيض بوضع الاتجاه في الأشهر المقبلة)، إلا أن هذه الأصول الرقمية قد ازدهرت بالفعل في الأسواق الناشئة.

العملات المستقرة مرتبطة بالعملات القانونية، وتصبح أداة مالية هامة للعديد من الدول النامية، مما يعزز التحويلات والتجارة عبر الحدود، ويسد فجوة الشمول المالي، ويوفر تحوطًا ضد التضخم في البلدان التي غالبًا ما تكون فيها الخدمات المصرفية التقليدية غير كافية، حيث لا يمكن لملايين الأشخاص الوصول إلى الخدمات المالية.

شهدت العملات المستقرة (المرتبطة أساسًا بالدولار الأمريكي) نموًا متفجرًا في السنوات الأخيرة، وتوسعت حالات استخدامها الفعلية بسرعة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا النامية. على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال تبحث في كيفية تطبيق هذه التقنية خارج مجال التشفير، فإن الأسواق الناشئة قد أثبتت أهمية العملات المستقرة.

في هذه المناطق، ليست مجرد تجربة مالية، بل هي حل.

عملة مستقرة كأداة للتحوط من التضخم في أمريكا الجنوبية

في اقتصادات تعاني من التضخم مثل الأرجنتين وفنزويلا، توفر العملات المستقرة ملاذًا مرتبطًا بالدولار لتجنب تدهور العملة المحلية، خاصة في ظل القيود الصارمة على قنوات صرف العملات الأجنبية. في جميع أنحاء أفريقيا وأمريكا الوسطى، تعتبر وسيلة فعالة من حيث التكلفة للتحويلات والمدفوعات عبر الحدود، بينما في أماكن مثل إندونيسيا، يمكن أن توفر بديلاً أسهل للوصول مقارنة بالخدمات المصرفية التقليدية بالدولار، والتي قد تتضمن متطلبات معقدة.

قال أستاذ سياسة التجارة في جامعة كورنيل، إيسوار براساد، على الرغم من أن العملات المستقرة تُستخدم بشكل أساسي في التمويل اللامركزي في الاقتصادات الأكثر ثراءً وتطورًا، وكجسر بين الخدمات المصرفية التقليدية وDeFi، إلا أن دورها في الأسواق الناشئة ذات البنية التحتية المالية المحدودة هو أكثر جوهرية، ولكنه ضروري.

“في الاقتصادات ذات الدخل المتوسط والمنخفض حيث لا تتطور الأنظمة المالية، يمكن أن تلعب دورًا مفيدًا من خلال توفير أنظمة دفع رقمية منخفضة التكلفة وسهلة الوصول للمواطنين والشركات.”

يتم اعتبار الدولار الأمريكي على نطاق واسع كوسيلة لتخزين القيمة العالمية، بينما يعتبر الحصول على الدولار هو العامل الرئيسي الذي يدفع الأسواق الناشئة إلى اعتماد العملات المستقرة. على عكس تقلبات العملات المشفرة المبكرة مثل البيتكوين، تهدف العملات المستقرة إلى توفير الاستقرار، حيث ترتبط معظم العملات المستقرة بالدولار، مع استحواذ USDT Tether على ما يقرب من 60% من الحصة في السوق العالمية، تليها أداة مدعومة بالدولار أخرى وهي USDC.

! Z4BsxtyMxUbe8QIchEQhyRE88sS4LVw8txd6yG3m.jpeg

العملة المستقرة المقدمة من الجهة المصدرة. مصدر المعلومات: كاسل آيلاند فنتشرز.

“توجد بعض المشكلات في العالم تحتاج إلى حل باستخدام عملة مشفرة لا تتقلب أسعارها باستمرار”، قال جوليان كولومبو، المسؤول الرفيع في بورصة العملات المشفرة المكسيكية Bitso، في مقابلة، حيث تملك Bitso مكاتب رسمية في الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا.

“تقدم العملات المستقرة طريقة لجلب جميع فوائد العملات المشفرة إلى حالات الاستخدام في العالم الحقيقي - وليس فقط للاستفادة من إمكانيات الثراء من البيتكوين.”

العملة المستقرة هي المهمة الرئيسية لترامب إمبراطور التشفير

مع تقديم أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين تشريعات في 4 فبراير لإنشاء إطار تنظيمي، يزداد الزخم حول العملات المستقرة في الولايات المتحدة. أكد ديفيد ساكس (David Sacks)، “إمبراطور الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة” في البيت الأبيض، في أول خطاب له إلى الصناعة، أن تنظيم العملات المستقرة هو أولوية للحكومة، وستقوم مجموعة العمل التي يقودها هذا المستثمر المغامر السابق بصياغة سياسة رئيسية خلال الأشهر الستة المقبلة.

بغض النظر عن ذلك، فإن نمو العملات المستقرة كان مذهلاً بلا استثناء. وفقًا لبيانات DelfiLlama، فقد وصلت قيمتها السوقية إلى 100 مليار دولار مذهل فقط خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي القيمة السوقية إلى 225 مليار دولار بحلول فبراير 2025. لا تزال USDT تتمتع بالهيمنة، حيث تسيطر على أكثر من 60% من حصة السوق، لكن المنافسين - بما في ذلك أولئك المدعومين من عمالقة المال مثل PayPal - يكتسبون بسرعة.

“العملات المستقرة - التمثيل الرمزي للعملات القانونية المتداولة على blockchain - لا شك أنها “تطبيق قاتل” للعملات المشفرة”، كما تذكر تقرير كتبته Castle Island Ventures ورعته VISA.

“نعتقد أن العملات المستقرة تمثل نوعًا من الابتكار في الدفع، ولها القدرة على إتاحة خدمات الدفع الآمنة والموثوقة والمريحة لمزيد من الناس في المزيد من الأماكن،” قال كاي شيفيلد، المسؤول العالمي عن العملات المشفرة في هذه الشركة الأمريكية الرائدة في مجال الدفع.

أشار التقرير إلى: “على الرغم من أنها ظهرت في البداية كنوع من الضمانات الأصلية المشفرة ووسيلة للتسوية للتجار والبورصات، إلا أنها قد عبرت الفجوة وتم اعتمادها على نطاق واسع في الاقتصاد العالمي العام.”

“استنادًا إلى الفروق بين نشاط العملات المستقرة ودورات سوق التشفير، من الواضح أن اعتماد العملات المستقرة قد تجاوز ببساطة خدمة مستخدمي التشفير وحالات الاستخدام التجارية.”

! uAkvnFfvw703sdjtDQTsAEzstlSotVuEtLSoAL13.jpeg

حجم تداول العملات المشفرة الفورية وعناوين إرسال العملات المستقرة شهريًا. مصدر البيانات: Castle Island Ventures.

تُعتبر العملات المستقرة وسيلة لتخزين القيمة، وأداة للتحوط من التضخم، وأداة للتجارة عبر الحدود، وقد حققت جاذبية ملحوظة في الأسواق الناشئة. وجدت تقرير حديث من Chainalysis أن معدلات اعتماد العملات المستقرة في مناطق مثل إفريقيا وشرق أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا تتجاوز بكثير تلك الخاصة بالبيتكوين، حيث تمثل في بعض الحالات ما يقرب من نصف جميع معاملات العملات المشفرة.

بالمقارنة، فإن معدل اعتماد العملات المستقرة في الولايات المتحدة وأمريكا الشمالية هو الأدنى، على الرغم من أنها لا تزال تحمل حصة كبيرة.

! CnQgmjtvwu4djlizBV9bjFZhT4x5ykyg32iCqXRu.jpeg

حصة أنشطة التداول الإقليمية: العملات المستقرة والبيتكوين. مصدر البيانات: Chainalysis.

قال محافظ البنك المركزي البرازيلي غابرييل غاليبودو (Gabriel Galipodo) إن استخدام العملات المستقرة قد زاد بشكل كبير في السنوات الأخيرة في البرازيل وغيرها من الأماكن. البرازيل هي قوة كبيرة في أمريكا اللاتينية، حيث يبلغ عدد سكانها 216 مليون نسمة، وناتجها المحلي الإجمالي يصل إلى 2.2 تريليون دولار. وأفاد هذا الاقتصادي خلال حدث البنك الدولي للتسويات الذي أقيم في مدينة مكسيكو في 6 فبراير، أن ما يصل إلى 90% من إجمالي تداول العملات المشفرة مرتبط بالعملات المستقرة.

“يعد معظمها شراء الأشياء والتسوق من الخارج”، قال جاليبوللو، مشددًا على أن هذا الاتجاه الجديد قد جلب تحديات صارمة في تنظيم الضرائب.

لكن جوليان كولومبو، الذي يقود الأعمال المحلية لبوابة Bitso، صرح أن العملات المستقرة في أمريكا اللاتينية ليست أكثر شعبية من الأرجنتين. في ظل التضخم المستمر وعدم الاستقرار الاقتصادي في البلاد، توفر هذه العملات ملاذًا ماليًا مهمًا للمواطنين.

قال كولومبو: "في الأرجنتين، كما هو الحال في دول التضخم المرتفع الأخرى، أصبحت العملات المستقرة حلاً لمشكلة واقعية وعاجلة للغاية.

“الأرجنتينيون لا يثقون بالعملة المحلية، ويفضلون الادخار بالدولار، لكن القيود المفروضة على الصرف الأجنبي من قبل الحكومة تجعل من الصعب الحصول على الدولار. لقد ملأت العملات المستقرة هذه الفجوة، حيث توفر وسيلة للاحتفاظ بالدولار وتداوله.”

قال إن حوالي ثلثي العملات المشفرة المشتراة من خلال البورصات في الأرجنتين تتم من خلال أصول مرتبطة بالدولار. على الرغم من أن المؤشرات المالية في الأرجنتين قد تحسنت تحت قيادة الحكومة المدفوعة بالسوق للرئيس المؤيد للعملات المشفرة خافيير ميلي ( Javier Milei )، إلا أن معدل التضخم لا يزال مرتفعًا بنسبة 84.5٪.

على الرغم من أن البيانات الشهرية الأخيرة تظهر اتجاهًا تنازليًا، إلا أن إعادة بناء الثقة في العملة المحلية في بلد يعاني لفترة طويلة من التضخم الثلاثي الأرقام وانخفاض حاد في قيمة العملة يحتاج إلى وقت، لضمان الطلب المستمر على العملات المستقرة المرتبطة بالدولار.

وبالمثل، فإن اعتماد الأصول الرقمية من هذا القبيل له أهمية كبيرة في فنزويلا، التي تعاني من تضخم طويل الأمد وكثير من التنظيمات، مما يجعل الحصول على الدولار وعملات أجنبية أخرى أمراً معقداً للغاية. في الأسواق الناشئة الأكثر استقراراً مثل البرازيل أو المكسيك، يمكن أن تلعب هذه الأصول دوراً مختلفاً ولكنه بنفس القدر من الأهمية: تحقيق تحويلات سريعة ومنخفضة التكلفة، دون التقلبات التي تشهدها العملات الرقمية التقليدية.

تستخدم الشركات هذه لتسديد تكاليف الخدمات الدولية، وتوظيف الموظفين عن بُعد، وإرسال الأرباح، وتسهيل التحويلات، مما يجعل المعاملات عبر الحدود أكثر كفاءة وسهولة.

“بالمقارنة مع الأصول المشفرة الأخرى، فإن العملات المستقرة تتمتع بوعد بالاستقرار،” كما ذكرت بنك التسويات الدولية في تقرير حول العملات المستقرة. “نظرًا لهذه الإمكانية، فإنها تدخل بشكل متزايد إلى القطاع المالي السائد، وقد وضعت العديد من الولايات القضائية طرق تنظيمية لمصدري العملات المستقرة المرتبطة بعملة قانونية واحدة.”

العملات المستقرة تدفع التحويلات في أمريكا الوسطى وإفريقيا

واحدة من أقوى حالات استخدام العملات المستقرة هي التحويلات والتحويلات عبر الحدود، خاصة في أمريكا الوسطى وأفريقيا، حيث توفر هذه الأصول الرقمية بديلاً أرخص وأسرع لتدفق الأموال عبر الحدود. غالبًا ما يجد المهاجرون الذين يعملون في الولايات المتحدة أن العملات المستقرة هي أداة أكثر ملاءمة لتحويل الأموال إلى العائلة في الوطن.

“لقد حصلت العملات المستقرة على بعض الاهتمام في المدفوعات المحلية وعبر الحدود،” قال بلاساد، أستاذ سياسة التجارة في جامعة كورنيل الأمريكية، لـ Cointelegraph. “لقد لعبت دورًا مفيدًا بشكل خاص في التغلب على عدم الكفاءة والتكاليف العالية وبطء معالجة المعاملات عبر الحدود التي تتم من خلال قنوات الدفع التقليدية.”

بالإشارة إلى انتشار العملات المستقرة في خدمات التحويل، قال كولومبو: “قبل ظهور العملات المشفرة، كانت خدمات التحويل قد تتقاضى رسوماً تصل إلى 10% فقط لنقل الأموال من دولة إلى أخرى. باستخدام العملات المشفرة، قد يكون لديك بعض الأموال الإضافية التي يمكنك تحويلها إلى المكسيك، وقد تتطلب التحويلات سنتاً واحداً فقط - وقد تصل الأموال في غضون دقائق بدلاً من ساعات أو أيام.”

تزايد حالات استخدام العملات المستقرة لأغراض غير العملات المشفرة

في تقرير برعاية فيزا، أجرت مجموعة من الباحثين مسحًا شمل حوالي 500 مستخدم للعملات المشفرة في نيجيريا وإندونيسيا وتركيا والبرازيل والهند، بإجمالي 2,541 بالغًا. على الرغم من أن الحصول على العملات المشفرة لا يزال هو الدافع الأكثر شيوعًا لاستخدامها، إلا أن الاستخدامات غير المتعلقة بالعملات المشفرة مثل الحصول على الدولار، تحقيق الأرباح أو أغراض التداول تحظى أيضًا بشعبية كبيرة.

! Z4BsxtyMxUbe8QIchEQhyRE88sS4LVw8txd6yG3m.jpeg

نتائج استبيان العملة المستقرة. مصدر المعلومات: كاسل آيلاند فينتشرز.

أظهرت الدراسات أن مستخدمي نيجيريا لديهم أكبر ولاء للعملات المستقرة مقارنة بالدول الأخرى التي شملها الاستطلاع. نيجيريون هم الأكثر تكرارًا في تداول العملات المستقرة، وأكبر حصة من محفظتهم تتكون من العملات المستقرة، ويستخدمونها لأوسع نطاق من الاستخدامات غير المشفرة، كما أنهم يصرحون بأنهم على دراية أكبر بالعملات المستقرة. توفير الدولار هو أولويتهم القصوى.

قال زكرياس دوبالي، المؤسس المشارك لقمة التكنولوجيا المالية في إفريقيا، إن العملات المستقرة أصبحت “الكأس المقدسة” للتجارة عبر الحدود والتحويلات الدولية ونقل القيمة عبر القارة الإفريقية. ويعتقد أن هذه الأصول الرقمية يمكن أن توفر البنية التحتية المالية اللازمة لتعزيز التجارة العالمية.

ومع ذلك، فإن العملات المستقرة ليست خالية من المخاطر. على الرغم من أن العملات المستقرة الأكثر استخدامًا تحافظ بشكل أساسي على ارتباطها بالعملات الورقية القوية التي تهدف إلى عكسها، إلا أن السوق تتوسع بسرعة، وهناك حاليًا المئات من الأصول الرقمية المتداولة. ومع ذلك، فإن العديد من هذه الأصول تفتقر إلى الشفافية لدعم احتياطياتها، وغالبًا ما تحدث حالات انفصال للعملات المستقرة، وفي بعض الحالات، حتى الانهيار.

ومع ذلك، تحت قيادة إدارة ترامب، شهدت الولايات المتحدة والأسواق الناشئة زخمًا قويًا في تطوير العملات المستقرة، وقد ثبت أنها أدوات قوية لمساعدة المواطنين على التغلب على التحديات المتعلقة بالشمول المالي والبنية التحتية المتخلفة.